في عمله الشهير (معاودة الانتاج) يرى بيير بورديو "أن بنية النظام المدرسي ووظيفته يعملان على ترجمة اللامساواة من مستواها الاجتماعي

الى اللامساواه في المستوى المدرسي.......ويؤكد هذا العالم الاجتماعي الكبير بأن ليس للمدرسه مهمه "سوى تعزيز وتأكيد قيم الطبقه الاجتماعيه السائده(البرجوازيه)والعمل على اعادة انتاج العلاقات الطبقيه القائمه ثم اعطائها طابع الشرعيه(نظرية الورثاء)

ولقد ولد اتجاه فكري جديد ينادي بالغاء المؤسسه المدرسيه ومن أبرز العلماء في هذا الاتجاه المفكر التربوي ايفان ايليتش....ومن خلال هجومه على المدرسه يقول بأن الثقافه التي تبثها المدرسه ثقافه شكليه لا صله لها بالحياة الاجتماعيه والواقع الاجتماعي.......

ويعد كل من العالمين بودلو واستابليه في كتابهما المشهور المدرسه والرأسماليه في فرنسا من أبرز المتطرفين المعاصرين في التأكيد الاصطفائي الطبقي للمدرسه.......اذ يعتقدان بأن المدرسه في فرنسا ليست سوى آله برجوازيه في خدمة الطبقه البرجوازيه الفرنسيه،، وذلك لان وظيفتها تكمن في دفع أطفال العمال الى الاخفاق المدرسي،، والى مواقعهم الاجتماعيه المحدده لضمان عملية استغلالهم وتكريسها.......

ويؤكد أميل دوركاييم" أن الانظمه التربويه ترتبط ارتباط عميقا بالانظمه الاجتماعيه........

ويؤكد عالم الاجتماع سنيدر "بأن المدرسه ليست في نهاية الامر سوى أكذوبه برجوازيه هدفها خداع الجماهير"

ومن الآليات التي تحدد معالم الاصطفاء:

1 قلما يتجه أطفال الفئات الفئات الاجتماعيه الدنيا للتسجيل في الفروع العلميه الهامه بالمقارنه مع أبناء الفئات الاجتماعيه الميسوره

يترك أبناء الفئات الاجتماعيه المتواضعه المدرسه مبكرا قياساا الى أبناء الفئات الاخرى

عندما يكون الاطفال المنتسبين الى المدرسه في عمر واحد ومستوى نجاح مدرسي واحد يلاحظ أن أطفال الفئات الاجتماعيه المتواضعه يواظبون بدرجه أقل في متابعة دراستهم العليا......

ان النظام المدرسي القائم بنظر بعض العلماء يسعي الى ايجاد شرائح مدرسيه على المقياس.......مقياس لاجل الاذكياء وأبناء الطبقه المحظوظه،، ومقياس لابناء لابناء الهامشيه في المجتمع .........

ان المدرسه وفقاا لهذا التصور نظام قد تم اعداده وتجهيزه بشكل مسبق ليقوم بتوظيف العدد الاكبر من الناس للعمل في مصلحة البعض الأخر.......

منقول بتصرف من كتااب علم الاجتماع المدرسي
من تأليف د.علي وظفه ود.علي الشهاب أساتذة علم الاجتماع التربوي في جامعة الكويت


2 3

http://sadoukimoh.maktoobblog.com/

 

 

التربية كجهاز طبقي


الاخضر القرمطي
hereclituslb@yahoo.com
الحوار المتمدن - العدد: 2773 - 2009 / 9 / 18
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية
راسلوا الكاتب-ة  مباشرة حول الموضوع     

وجهة نظر لويس التوسير
ينطلق التوسير في معالجه لموضوع التربية من التصنيف الماركسي التقليدي بين البناء التحتي للمجتمع في زمن معين، والبناء الفوقي.
يقصد بالبناء التحتي القاعدة الاقتصادية لاي تشكيلة اجتماعية (وحدة قوى الانتاح وعلاقات الانتاج)، او القاعدة المادية للمجتمع والتي تتحدد في المنحى الاخير بالنمط الاقتصادي السائد، وفي المجتمع المعاصر يسود نمط الانتاج الرأسمالي. اما البناء الفوقي فيعنى به الحقوق والسياسة والايديولوجيات المختلفة من دين واخلاق، سواء اكانت رسمية او خاصة.
ان كل تشكيلة اجتماعية (مبنية من ثنائية البناء التحتي وذلك الفوقي) تستمر، لتبقى، باعادة انتاج شروط انتاجها ووجودها. وباعتبار ان كل تشكيلة اجتماعية يحكمها نمط معين من الانتاج (البناء التحتي) بالتالي فان اعادة انتاج التشكيلة الاجتماعية لنفسها لا بد ان يعود الى اعادة انتاج نمط الانتاج السائد فيها. وان اعادة انتاج هذا النمط يستلزم اعادة انتاج قوة الانتاج من جهة وعلاقات الانتاج القائمة.
اما وسائل الانتاج فيقصد بها تلك الوسائل الاساسية لعملية الانتاج كالتجهيزات الثابتة والالات....
وقوة العمل هي قوة عمل العامل التي يبيعها (او بالمعنى الاصح يؤجرها) لقاء الأجر، اي الجزء الضروري من اجل اعادة انتاج قوة العمل وكفاءتها ايضًا (للعودة الى العمل في ليوم التالي، ولتربية الاولاد كقوة عمل مستقبلية). وما يحدد قيمة الاجر، ليس فقط الحاجات البيولوجية الدنيا، بل ايضًا الحاجات التاريخية الدنيا والتي تحددها الصراعات الطبيقة في المجتمع.
الآن ما هو موقع التربية في التشكيلة الاجتماعية وما هو دورها الاجتماعي ووظائفها الرئيسية؟ وما الدور الذي تلعبه الدولة بخصوص ذلك؟
تعريف التربية ودورها الاجتماعي
لتبيان موقع التربية (وماهيتها) ووظيفتها في التشكيلة الاجتماعية، ينطلق التوسير من منظور يرى الى الدولة كآلة قمع طبقي، "تسمح للطبقات المسيطرة تأمين سيطرتها على الطبقات الاخرى (العاملة) لاخضاعها لعملية نهب فضل القيمة". وهذا القمع الطبقي يستوجب وجود اجهزة للدولة، وهذه الاجهزة على نوعين:
-    جهاز الدولة القمعي الرسمي (الجيش والبوليس...)، وهو جهاز موحد ينتمي الى القطاع العام، ويسر بواسطة العنف الجسدي بشكل غالب ، وبشكل ثانوي بواسطة الايديولوجيا(تأمين تلاحم القوى الامنية بواسطة ايديولوجيا ما...). وهو يشكل كلاً منظمًا يتمركز مختلف اعضائه في وحدة قيادته (السلطة السياسية) المتمثلة بممثلي الطبقات التي في السلطة.
-    اجهزة الدولة الايديولوجية: وهي التي تبرز بشكل مؤسسات متميزة وذات اختصاص، وتتميز بانها متعددة، ينتمي معظمها الى القطاع الخاص، وتسير بواسطة الايديولوجيا[1] بالغالب، مع سيرها بشكل ثانوي بواسطة القمع الجسدي (العنف والطرد والعقاب والانتقاء في المؤسسات الدينية وفي المدارس...). ومن الامثلة على اجهزة الدولة الايديولوجية يمكن ان نذكر الاجهزة الدينية(المؤسسات الدينية، المناسبات الدينية، الزواج، الموت)، والعائلية(السيطرة الابوية..)، والتشريع السياسي(الديمقراطية، الانتخاب ..)، والاجهزة الاعلامية(الحقن الايديولوجية الاعلامية اليومية من حرية ووطنية وقيم اخلاقية، بواسطة الراديو والتلفزيون ووسائل الاعلام كافةً..) والثقافية (آداب، فنون، رياضة،..) . وان كانت هذه الاجهزة تسير بواسطة الايديولوجيا بشكل غالب، فانها ،ورغم تمايزاتها وتناقضاتها في الكثير من الاحيان، تتوحد في الواقع تحت ايديولوجيا رسمية واحدة هي ايديولوجيا الطبقة المسيطرة.
ويدخل التوسير التربية (وبالتحديد تلك المدرسية، اي التعليم) في خانة الاجهزة الايديولوجية للدولة.
من هنا يمكننا تعريف التربية، على مختلف انواعها، وبالاخص تلك النظامية والمقصودة، على انها جهاز من اجهزة الدولة الايديولوجية، تسير بواسطة الايديولوجيا في الغالب وبواسطة القمع بشكل ثانوي، وتتوحد مع الاجهزة الايديولوجية الاخرى تحت الايديولوجيا المسيطرة التي هي ايديولوجيا الطبقة المسيطرة على جهاز الدولة.
ولكن ما هي وظيفة اجهزة الدولة على مختلف انواعها؟
يجيب التوسير ان "كل اجهزة الدولة الايديولوجية، مهما كانت، تسعلا لنفس النتيجة: اعادة انتاج علاقات الانتاج، اي علاقات الانتاج الرأسمالية"، وكل منها بطريقتها الخاصة:
يؤمّن جهاز الدول القمعي، بالقوة الجسدية وغيرها، الشروط السياسية اعادة انتاج علاقات الانتاج الاستغلالية (الطبقية)، وذلك عندما يوفّر ،بالقمع بالاخص، الشروط السياسة الضرورية لسير اجهزة الدولة الايديولوجية التي تلعب ، هي بالذات، الدور الاهم من ناحية اعادة انتاج علاقات الانتاج (وبالتالي اعادة انتاج نمط الانتاج ذاته) تحت حماية و"درع" جهاز الدولة القمعي.
وبالتالي يصبح هدف التربية العمل كجهاز ايديولوجي للدولة على اعادة انتاج علاقات الانتاج القائمة، وبالتالي اعادة انتاج التشكيلة الاجتماعية (الرأسمالية) نفسها والتي تضمن بقاء السلطة السياسية بيد الطبقة المسيطرة.
المدرسة كجهاز ايديولوجي: أداة تقسيم العمل في خدمة الدولة و النظام الطبقي
اما المدرسة كجهاز ايديولوجي فتلعب دورًا مسيطرًا ولكن بشكل مخفي ومستتر وبالتالي تلعب الدور الاخطر في اعادة انتاج علاقات الانتاج:
فالمدرسة تتلقى الاولاد، من كل الطبقات الاجتماعية، منذ الروضة، وتلقنهم بكافة الطرق الحديثة والقديمة، اصول التصرف "الملتصق بالايديولوجيا المسيطرة" والمتناسب معها. فالطفل يظل خلال سنوات محاصرًا بين جهاز العائلة وجهاز المدرسة، وهو يكون اكثر طواعية للمواد التعليمية الملتصقة-بشكل غير مباشر- بالايديولوجيا المسيطرة من خلال تلقينه اللغة والحساب والتاريخ والاداب، او للمواد الملتصقة بشكل مباشر وجلي بالايديولوجيا المسيطرة كالاخلاق والتربية وحتى الفلسفة.
وفي المدرسة يتعلم الطفل قضايا تقنية كالقراءة والحسباب، ومعارف ثقافية وعلمية وادبية، ولكنه يتعلّم بالاخص "قواعد السلوك الصحيح: قواعد الاخلاق والوعي المدني والمهني"، اي قواعد تقسيم العمل الاجتماعي-التقني المنسجمة مع النظام القائم.
وبالفعل، يجري ضمن المراحل الدراسية المختلفة ما يشبه الاصطفاء الطبقي، حيث يغادر الدراسة (حوالي السادسة عشرة اي في سن العمل القانوني) عدد كبير من الاولاد الذين يتجهون ليصبحوا عمالاً وفلاحين صغار؛ ويتابع قسم آخر دراسته ليحتل موقعًا اجتماعية في آلية نمط الانتاج السائد ككادرات متوسطة وصغيرة: المستخدمين والموظفين المتوسطين والصغار. امّا القسم الاخير الذي يصل الى القمة في دراسته، فامَا يصبح عاطلاً عن العمل، وامّا يصبح وكيلاً للاستغلال الطبقي كرأسمالي او تقني، او وكيل للقمع السياسي وبيروقراطي (عسكريون، سياسيون، اداريون) او حتى "محترف ايديولوجيا" (كرجال الدين، والمعلمين والصحافيين والمثقفين..).
ان كل فئة من هذه الفئات الاجتماعية تمتلك الايديولوجيا التي تتناسب والدور الذي يجب ان تلعبه في المجتمع الطبقي الاستغلالي:
ففئات العمال والفلاحين والكادرات المتوسطة والصغيرة تلعب دور المستَغَل بوعي مهني، اخلاقي، مدني ، قومي...ووكلاء الاستغلال يمتلكون ايديولوجيا تتناسب مع كيفية اعطاء الاوامر واصول التكلم؛ اما دور وكيل القمع فيكون في فرض الخضوع بدون مناقشة، فيما يقوم محترفو الايديولوجيا بمعالجة الوعي باحترام "اي بالحقد، بالتشهير، بالديماغوجيا، بالتوافق مع لغة الاخلاق والفضيلة والوطنية".
وان كان من الممكن تعلّم اصول التصرف و"الفضائل" ،المتنوعة وحتى المتناقضة ، في العائلة ، في الكنيسة، في الجامع ، في الجيش او من خلال الكتب ووسائل الاعلام، فانّ المدرسة تظل الجهاز الايديولوجي الانسب (والاكثر تأثيرًا بالفعل) الذي يمتاز بانه يُخضِع مستمعين مكرَهين (المتعلمين) خلال 5 الى 6 ايام اسبوعيًا،ويعلمهم اصول التصرف المناسب لاعادة انتاج علاقات الانتاج في التشكيلة الاجتماعية الرأسمالية.
وبالتالي، لا يمكن والحال هذه، القول ان المدرسة مكان او مؤسسة محايدة لا علاقة لها بالايديولوجيا او بالسياسة الطبقية للدولة، حيث ان مجرد تصويرها على هذا الشكل هو نوع من الايديولوجيا التي تستر الوظيفة الحقيقية للمدرسة بالاخص، وللتربية بشكل عام. وكثيرًا ما يقع المعلمون ،المعارضون لايديولوجيا الدولة، في فخ هذه الايديولوجيا "الرسمية"، ويتوهمون بانهم ،بتطبيقهم مثلاً للطرق الحديثة للتدريس، يخرجون عن نطاق سيطرة الدولة، ولكن الامر على خلاف ذلك، فهم يغذّون بطريقة او بأخرى الصورة الايديولوجية للمدرسة باعتبارها مؤسسة محايدة، وامرًا طبيعيًا ومنطلقًا للتغيير الاجتماعي.
الخلاصة
لا يمكن التكلم ،انطلاقًا من المنظور الالتوسيري (والماركسي طبعًا)، عن تربية محايدة وخارجة عن نطاق وظيفتها في اعادة انتاج علاقات الانتاج القائمة، وبالتالي فان كل تربية، أكانت نظامية ام غير نظامية، هي جهاز ايديولوجي بيد الدولة وبالتحديد بيد الطبقات المسيطرة على اجهزة الدولة على انواعها. والتربية باعتبارها جهازًا ايدولوجيًا للدولة، فانها تتشارك مع اجهزة الدولة الاخرى في تأمين الشروط المناسبة لديمومة التشكيلة الاجتماعية الرأسمالية.


[1]  الايديولوجيا- بتعريف التوسير- هي "تمثيل للعلاقة الخيالية القائمة بين الافراد وظروف وجودهم الحقيقية".و "إن كل ايديولوجيا تمثل بالضرورة، في تشويهها الخيالي، ليس علاقات الانتاج القائمة (والعلاقات الاخرى المتفرعة عنها) بل قبل كلّ شيء العلاقة (الخيالية) بين الافراد وعلاقات الانتاج والعلاقات المتفرعة عنها. ان ما هو ممثّل في الايديولوجيا ليس اذن نظلم العلاقات التي تحكم وجود الافراد، بل هي العلاقة الخيالية بين الافراد وعلاقات الانتاج التي يعيش هؤلاء في ظلها".